من طبيعة الحياة أن تواجهنا التحديات في كل مراحل عمرنا، و ردود أفعالنا أمام هذه التحديات هو الذى يبرهن على ايماننا و سلامنا الداخلي وقوة شخصياتنا، فقد نواجه احيانا تحديات فردية، و احيانا نواجه تحدي جماعي مثل الذى نواجهه في هذه الفترة وهو تحدى كورونا، و يختلف تأثيره على كل منا، وكذلك تختلف ردود أفعالنا، لأننا يحكمنا جميعا قانون التركيز، الذى هو من اقوى قوانين العقل الباطن، والذى ينص على” أي شيء نركز عليه ينمو ويزداد من نفس النوع”، فما أحوجنا جميعا في هذه المرحلة أن نوجه عدسة تركيزنا نحو الدروس المستفادة من هذا التحدي، لأننا في سفينة حياتنا لا نستطيع ان نتحكم في شدة الرياح، و لكننا نستطيع أن نتحكم في توجيه الشراع.
عندما ننظر الى كلمة” كورونا” نجدها تحتوى على الدروس المستفادة من هذه التجربة:
ك: كن مع الله، المعية مع الله هو أن يراعى كل منا تصرفاته و أفعاله في ضوء تعاليم الله، ينظر دائما نحو السماء و يلاحظ العين التي ترى ما بداخله قبل ما بخارجه، و يقوم بتقييم كل أمور حياته حسب مبدأ العلاقة الرأسية أهم من العلاقة الأفقية، أي العلاقة مع الله وإحساسي براضاه عنى وحفظ وصاياه و تطبيقها في حياتي أهم بكثير من علاقتي مع البشر.
و: وزع خير، في كل مكان تذهب اليه و مع أي شخص تتقابل معه يكون شغلك الشاغل أن توزع خير، ممكن بالمال أو بكلمة أو بالتعاطف أو بالاستماع أو بالنسيجة، المهم أنك تعمل خير، يكون تركيزك فيما سوف تمنحه، كيف سيتأثر الكون بسببك، في نهاية حياتك ستتأكد من أن قيمتك الحقيقة ليست فيما حصلت عليه، بل فيما قدمته.
ر: راقب نفسك، فرصة عظيمة منحها لك الله في منحة كورونا أن تجلس مع نفسك، ويمكن لأول مرة تراقب ما تفعله في حياتك، هل أنت معتنى بكل اركان حياتك بترتيبها حسب أهميتها: الركن الروحاني ثم الصحي ثم تطوريك لنفسك ثم الركن العائلي ثم الاجتماعي ثم العملي ثم المادي ؟ أم انك قد قلبت الترتيب و اهتممت بأركان ليست لها أولوية على حساب الاركان التي لها الأولوية ؟ راقب نفسك و أعد ترتيب أولوياتك.
و: وسع من منابع الحب في حياتك، أهم منبع للحب هو في علاقتك مع الله، المنبع السمائى للحب الذى لا يعطل ولا ينضب أبدا، مستمر 24 ساعة يوميا بفيضان لا حد له، و ثاني منبع هو الحب القريب منك، حب عائلتك أهتم به وأحرص على ان يعمل بكامل طاقته وسعته، ثم حب الاصدقاء، لابد أن يكون للأصدقاء دورا اساسيا في حياتك، صديقك هو الذى يدعمك دائما و يثق بك و يسندك في كل ظروف حياتك، ويغفر لك اخطائك و يعد مصدر حب دائم لك، ثم منبع حب المعارف، وسع من دائرة معارفك و عش بمبدأ” احرص كل يوم في حياتي أن أضيف واحدا الى أصدقائي و انقص واحدا من أعدائي” و الأفضل ان لا يكون لك اعداء حسب المثل الألماني” ألف صديق قليل وعدو واحد كثير”.
ن: نمى نفسك، النمو والتطور في الحياة هو دليل الحياة، أنت لا تستطيع أن لا تنمو أو أن لا تتغير، المهم هو كيف نتغير والى أين ؟ هل للأفضل أم للاتجاه الأخر ؟ أهتم بنمو نفسك، تعلم عادة القراءة و اجعلها أهم عاداتك، قد تكون جملة واحدة، و أحيانا كلمة واحدة سببا في تغيير تفكيرك و تغيير حياتك، تعود على عادات غذائية صحية جديدة، تعود على النوم بدرى و الاستيقاظ بدرى، أختر عادات ايجابية تساعدك على النمو و قرر بحسم واصرار أن تدخلها الى عادات حياتك اليومية.
أ: أترا أثرا: الهدف من حياة أي منا أن يبحث عن الهدف والمعنى الذى خلق من اجل تحقيقه، رسالته في الحياة، و أن يعمل كما يستطيع لتحقيق هذا الهدف وهذه الرسالة، كل منا لابد أن يترك أثرا ايجابيا مع كل شخص يقابله، عش بمبدأ” أترك أي انسان تقابله في نفسية أفضل مما وجدته فيها” حب الخير وحب الغير وحب الخير للغير، ما سيستمر بعد نهاية حياتك هو ما تركته من أثرا وليس ما تركته من ارثا، أترك بصمة مع أي انسان تقابله، و ما أجمل أن تترك بصمتك على قلوب الناس
المعنى من حروف” كورونا” أن أبدأ بأن أكون مع الله و تنتهى بأن أترك أثرا، عن طريق أن أوزع خيرا و أراقب حياتي و أولوياتي، و أوسع من منابع الحب و أعمل على نمو نفسى، عندما نعيش هذه المنحة” كورونا” و نقوم بتفعيل حروفها في حياتنا بهذه المعاني سيكون يومنا حلو وبنعمة ربنا بكرة احلى.
د. ميلاد فايز موسى
