يعيش معظم الناس حياتهم في سباق دائم لتحقيق انجازات وعمل مستمر ومجهود دائم، وكلما حققوا بعض الانجازات ظهرت أنواعا أخرى فيستمر السباق لأخر العمر، دون توقف، ويجد الانسان نفسه أنه حقق انجازات مادية كثيرة، ولكن ليس بينها الاحساس بالسعادة، أثبتت الدراسات أن الزيادة في الدخل الفعلي التي يشهدها العالم الأن لم يقابلها زيادة بمعدل السعادة، وأجريت دراسات في جامعة كاليفورنيا الجنوبية حول العلاقة بين الدخل والسعادة فوجدوا أن في اليابان بقيت معدلات السعادة ثابتة في الفترة من 1958 الى 1987 بالرغم من وجود زيادة في الدخل الفعلي بمقدار 500%.
التكنولوجيا التي يشهدها العالم الان تعطينا ما نريده، ولكن ليس ما نحتاج اليه، لها فوائد كثيرة ولها ايضا أضرارا كثيرة، فتواصلنا المستمر طول اليوم مع وسائل التواصل الاجتماعي يجعلنا دائما ( تحت الطلب)!! تحت أمر أي أحد في أي وقت، نحقق طول اليوم انجازات قد يكون بعضها غير هام، وننسى أن نخصص وقتا للراحة ونعتبرها ترفا بينما هي من أهم انجازات الحياة الراحة والاستجمام والشعور بالسعادة، نحقق انجازات وننسى الاستمتاع بها، الراحة تزيد من الانتاجية و لا تققل منها، جربت مجموعة بوسطن الاستشارية تخطيط ليلة أجازه للموظفين بدون بريد الكترونى أو عمل أو هاتف، فارتفعت الانتاجية الى عنان السماء، يتباهى بعض الناس بأنهم ذو مناصب هامة جدا ولا يجدون وقتا للنوم الكافي، ولا يعلمون أن كل الأخطاء التي يرتكبوها نتيجة انهم لا ينامون النوم الكافي، النوم أكثر عادة صحية يستهان بها، أحرص على أن تنام نوما كافيا، هناك طريقة تساعدك على النوم : العد عكسيا من 300 بمقدار 3 أعداد كل مرة، فغالبا ستنام في غضون4 دقائق، وسط مشغولياتك اليومية حدد 30 دقيقة كمقابلة عمل في جدولك اليومي لغفوة وقت الظهيرة، ان النوم الكافي والتأمل و التمشية تقنيات تساعد على تعزيز ادائنا، ويجب الاهتمام بها.
المشي كعادة يومية ليس فقط وسيلة لتحقيق غاية، بل هو الغاية نفسها، ان اللحظة التي يبدأ فيها الانسان في المشي هي نفسها اللحظة التي تبدأ فيها الأفكار في التدفق، المشي صحى بدرجة لا تتخيلها، أظهر الباحثون ان المشي 3 مرات اسبوعيا لأربعين دقيقة كل مرة بوتيرة مشينا العادية يساعد على مقاومة تقدم العمر، أثبتت أجد الأبحاث الهولندية أن من يعيشون على بعد كيلو متر واحد من حديقة أو منطقة أشجار يعانون معدل اصابة أقل بالاكتئاب والقلق مقارنة بغيرهم، وحتى ان لم تكن تسكن بجانب حديقة يمكنك الذهاب اليها لتمارس عادة المشي، المشي يساعدك كثيرا لإيجاد حلول لتحديات حياتك، سئل الفيلسوف الأغريقى ” ديسوفين سيلوب ” من القرن الرابع قبل الميلاد أذا كانت الحركة مفيدة ؟ فأجاب وهو يمشى أمام السائلين ” لقد حلت بالمشي “.
تعود أن تستقطع وقتا يوميا للراحة، اهتم بساعات النوم، مارس المشي بانتظام، وستجنى فوائد على صحتك وعملك وحياتك لا تتخيلها. ليس مقياس النجاح هو المال أو السلطة. .. بل السعادة، أننا باهتمامنا بتخصيص أوقاتا محددة للراحة والتزامنا بذلك نجعل يومنا حلو وجميل وبنعمة ربنا بكرة أحلى.
د. ميلاد فايز موسى